ملهمتي

hasaleem

شعــ V I P ــاع
إنضم
20 نوفمبر 2007
المشاركات
159
النقاط
0
العمر
72
ملهمتي

بقلم
حسين أحمد سليم
آل الحاج يونس

Hasaleem
رغم كل إفتعالات البعد النائي في الإمتدادات الأرضية, المزعومة الروايات على ذمة رؤى نتانات الإستعمارات, التي تراود هذيانات أذهان أبالسة الشياطين البشرية, وتخاطر غطرسات دكتاتوريات حكام من جيف عولمة العصر... الإمتدادات الثكلى بثكلاتها الزمنية, على مر الأيام والشهور والسنوات العجاف, التي فاقت بعجفاتها السنوات العجاف في زمن يوسف النبي, والموسومة قهرا عصريا بأوبئة الجغرافية السياسية... الأمر الألعن من اللعنات السماوية, بحق قتلة الرسل والأنبياء, والأئمة والأوصياء وأولي الأمر في أمتي... الواقع الأسوأ من السوءات التاريخية, والذي قسا على مساراتي كثيرا, ورمى بي بلا رحمة في لجج العذابات, ولم تشفع لي في قاموسه كل الأوجاع والآلام, التي ورثتها من حقب التاريخ وجغرافية الجغرافيا, الدفينة في صدري الذي يضيق بقلبي الصغير, والذي يحمل كل الحب الكبير, في كل من بطيني وأذنيني قلبي, الذي ينبض بسيمفونيته الأسطورية, كارزا بكل العشق...

فعل النأي دفعني قسرا واقعيا لولج عوالم المرارات, أجتر كل الحسرات بين أنقاض هيكلي الرميم, أكتوي بكل الجمرات التي تضطرم يوما بعد يوم... تتملكني كل اللوعات التي سجنتني في آتوناتها المتقدة باللهب, تدميني الذكريات فأنزف من كل نواحي جوارحي السقيمات... يرهقني الوقوف عند أعتاب الإنتظار, في محطات الذهاب والإياب, تعتريني كل الوساوس, وتجتاحني كل سوءات النفس... وأنا أبحر في خفايا السفر الدائب, تعصف بي كل متاهات الحيرة, تتربص بي كل قناديل البحر عند الشاطيء, تفرز سمومها القاتلة في المياه, وتنتظرني كل أخطبوطات البحار, لتمتص ما تبقى من دمائي, التي جفت منذ زمن بعيد في جسدي, وكل من خفافيش الظلام ينشد تحقيق غايات نفسه... وأنا المسكين الفقير المعدم المجرد من كل الحقوق, أتهاوى فاقد الرشد فوق أنقاض الجراح, وكلما إنتفضت من بين الحطام أعود وأهوي, بلا وعي فوق بقايا الحطام, أتخاطر في البعد بطائر الفينيق الأسطورة التاريخية, وأحلم في كوابيس المنام كيف يولد منتفضا الفينيق من قلب الرماد... أتذكر وأنا في الموقف الحرج جدا , حيث تتكالب حولي كل الوحوش البشرية, فاغرة شدقها القرف بارزة الأنياب, تتربص بي في غفلة ما تنقض علي, تنهشني, تفترسني, تمزقني, تأكلني, تحطم عظامي, تشرب دمي, تسحقني, تشعلني بالنار, أتحول كالرماد, تذروني الأيادي العابثة في رمادي في هبوب الرياح, أو تقذف بي الأيادي الآثمة في البحار بين هوج الأمواج فأذوب وأختفي, ولكن سرعان ما أولد مجددا كما طائر الفينيق الأسطوري, منتفضا متمردا أنضح ثورة رفض من قلب الرماد...

أبي ولد متمردا من رحم جدتي, المتمردة بعنفوان جدي المتمرد, وراثة تاريخية عن أبيه المتمرد, سليل أسرة متمردة, إنشقت من عائلة متمردة... مساراتها منذ عصر الردة فعل التمرد, وأناشيدها ثورة فعل التمرد منذ واقعة الطف في كربلاء... حملتني أمي تمردا نسبيا في رحمها جنينا متمردا, لأبي المتمرد منذ النشأة الأولى في عالم الذر, وولدتني تمردا تاريخيا وجغرافيا وديموغرافيا, وأرضعتني حليب الرفض جموحا ثوريا وتمردا رفضيا, فنشأت ثائرا رافضا متمردا, وترعرعت متمردا على كل الأشياء مكنذ طفولتي... أدخلني أبي مدرسة متمردة في قريتي الريفية البقاعية المتمردة, يرأسها معلما متمردا من بقايا التاريخ المتمرد على الجغرافيا, فعلمني منظومة حروفيات أبجديات التمرد, بدل منظومة حروفيات الأبجدية العربية, ودرسني في كراسة تراثية تاريخية أسطورية, كل أنواع التمرد والثورة والرفض, ولقنني كل أناشيد الثورات عبر حقب التاريخ وحركات التمرد... وقدم لي قلما خاصا, محشوا بكل مدادات وأحبار أطياف التمرد, ووفرت لي أمي طرحة عرسها البيضاء, بدلا من الأوراق لأرسم عليها لوحتي السوريالية الثورة, وقدم لي أبي كوفيته البيضاء لأكتب عليها خواطر الرفض والتمرد بدلا عن القراطيس, وهمس جدي في أذني وصية التمرد قبل الموت, وأسرت جدتي في سمعي أغنية الثورة وهي تغمض عينيها إلى الأبد... من حيث لا أدري, تأبطت الطرحة والكوفية والقلم والمداد والوصايا, ورحت أبحث في الإمتدادات, عن مساحة دنيا أقيم فيها خيمة التمرد, من سمت عامودها المحور, أمارس فعل الدعوة لثورة الرفض والتمرد, أرسلها مع الخوافق في كل مكان وزمان... وإمتطيت أحصنة التمرد المطهمة بالثورة, ورحت أرود كل الأشياء تمردا, وأكتب التمرد في كلمات وخواطر, بقلم سيال بكل معالم التمرد... وإنتسب التمرد وإفتخر بي التمرد بالإنتساب, حتى غدونا وجهان ثائران رافضان متمردان, وصار للتمرد في طول البلاد وعرضها عنوان هو أنا, وتلبست التمرد وتلبسني في كل الأشياء, ومارست فعل التمرد على كل المقاييس... حتى في لباسي الذي لا يعبر إلا عن التمرد, قميصي الأصفر المهتريء عند الأكمام والياقة, سروالي الأسود الممزق عند أطراف قدمي وركبتي, جلبابي الأحمر المكسو بكل أنواع نتاتيف الوبر, حذائي الباهت المتشقق النعل من قلة الصباغ, أحزمه بخيوط رفيعة من الشريط المعدني, جواربي التي لا لون لها من قلة الغسل, الممزقة من جميع النواحي, يستر رداءة مظهرها في قدمي حذائي, شريكها في إخفاء جريمة الغدر... وتركت عنوة يطول ما تبقى شعر رأسي, عنوانا متمردا مشعثا خلف أذناي فعل ثورة الرفض, وأطلقت العنان لشاربي ليطولا بلا تشذيب فعل ثورة ورفض وتمرد... وإستبحت لقلمي فك كل السلاسل والقيود, وكسر وتحطيم كل الأغلال, وأوعزت لخيالي القفز فوق كل الحدود المصطنعة بهتانا وزورا, على ذمة هرطقات تحرر الأمم, محميات على ذمة لصوص التاريخ في مجلس الأمن, لتفرق بين أذين القلب وأذينه وبطين القلب وبطينه... وأعلنت الثورة الحمراء على كل الحروف الأبجدية, وولد التمرد كما ولدت متمردا عنوانا عريضا لي, من رميم الكلمات المدفونة في تراب الأساطير, وإنتفضت متعملقا في الفضاءات, أطرق أبواب السماوات, كطائر الفينيق الأسطوري من قلب الرماد, أرفرف في إمتدادات الإمتدادات, بوصلتي مشحونة الثورة والرفض والتمرد, وجهتها ملهمتي للثورة والتمرد والرفض, رؤى حلمي في اليقظة والهجعة والهدأة والسكينة...

وتبقين ملهمتي الملكة الأسطورة التاريخية, المتربعة على عرش الإيحاءات في البعد النائي, تخاطرني بك الأفكار الثورية من كل فج عميق, وتتناهى إلي الإلهامات المتمردة, المتعددة الأطياف الرفضية والألوان, من حيث لا أدري رفضا للوهلة الأولى... سرعان ما تتبلور الرؤى, من قلب هوج الرياح القادمة من كل الخوافق, وتنجلي مشهديات الأشياء عن اللوحات الفنية المتشكلة بفعل الثورة, لتسطع مشرقة سيالات معالم وجهك البدري المنير, تتألق عيناك النجلاوان تحت حاجبين دقيقين كأنهما سيفان منتصبان يحرسان مقلتاك, وبسمة ثغرك التي ترتسم فيها كل معاني الحياة, توكيدا نهائيا تهمسين في أذني ثورة الرفض والتمرد, لتتشكل منها كل الكلمات والكتابات والخواطر...
 
عودة
أعلى أسفل