إسفس و آزخ

hasaleem

شعــ V I P ــاع
إنضم
20 نوفمبر 2007
المشاركات
159
النقاط
0
العمر
72
إسفس و آزخ

بقلم
حسين أحمد سليم
آل الحاج يونس
Hasaleem

جغرافيا شمال ما بين النهرين الكبيرين, يخجل التاريخ فيها من مياه دجلة والفرات, حيث ما زال صوت خرير المياه, أسمعه يعزف الحزن سيمفونية قدر, يسر همسا في أذن تموجات المياه, أسطورة ضرجت بالقاني صفحات الأيام الخوال, تكشف النقاب الزمني عن الحقب الماضية, التي حملت القهر سيفا قاطع الحدين, لتولد المأساة الإنسانية, من همايونية الأفكار الشيطانية, الموتورة في عقول لم ولن ترى النضوج, تتقلب في خيالات النزوات الملوثة بكل الموبقات, لفعل مزاجية سوءات القرارات, لتوقظ الجرائم الهاجعة في المتاهات, تحرض النفوس التي ولدت من لا إيمان, فتتكالب الوحوش البشرية التي لا قلب لها ينبض ولا عقل عندها يتدبر, وتستشرس خفافيش الليل التائهة في الظلمات والتي لا ترى في الضوء إلا الظلام, وتثتثير مصاصة الدماء البشرية المتمسحة مشاعرهم الإنسانية فغدو كالأنعام, وتتحرك عصابات من بقايا أبالسة الشر مأجورة بخسة الأسعار, وتتكشف حقائد عشائر من فتات القوميات البائدة الممزوجة بالضغائن, وينتهز الكثير من الهوام المصطادين في الماء العكر على ذمة وساوس التنجيم في مجالس السلطان, لتقوم المعظمة الكبرى بحق من ينشد الأمن والسلام...

هناك خلف شريط الحدود الوهم, الخطوط المصطنعة بهتانا وزورا, على ذمة هرطقات الإستعمارات المنافقة في إيمانها المزعوم, هناك على طول امتدادات الحدود, وعلى مدى إتساعات الطور, ترتسم إبتكارات سورياليات لوحات حكايات مآسي الشعوب, على ذمة رؤى حكواتي زمر الحكام, كيف يشاء يرسم كوابيس الاحلام, في مشهديات ترضي مزاجيات الجموح في نفوس قراصنة القرصان, وهناك يحكى التجريد فلسفة هذيانية, سيرة القهر والظلم, تحت ستائر ضبابية الدخان, من إفتعال زناة الليل والزنادقة والخصيان, وهناك تقتبس الألوان الباهتة حزنها, من أنات الهاربين من الموت المحدق بهم من كل صوب, القادم مع خوافق الرياح, يثكل الثكالى عنوة على ذمة الدين كفرا بالديان, تحت وطأة حملات حضارة, رقي رذالة الشعوب في الإبادة الجماعية للشعوب, تشريعات شيطانية بلبلتها صناعة النفاثات في العقد, إيحاءات ملكي التنجيم والسحر المعهود هاروت وماروت في بابل, على ذمة الإنتماءات إلى دين من أديان السماء...

البوح الأمين من قلب السلف إلى قلب الخلف, رسالة تكليف عند كل ذي نسمة روح, أمانة فعل الماضي رسالة لجيل اليوم في رسم رؤى الغد, عهد الرجال الأوفياء العهد, ووعد النساء الحافظات للوعد, تنتقل الأمانات إلى حاملي الأمانات من أصحاب الأمانات, وتتشكل للتاريخ التاريخ غير المزيف, روايات المعاناة, تروى على ألسنة الأمهات المجاهدات, الحوامل للأجنة في الأرحام الطاهرات, حكايات وروايات مضرجة بالدماء القانيات, مضمخة بالوجع والألم وصنوف القهر والمعاناة...

شمالا جغرافيا كعبة العشاق, رفضا قدريا تعملقت في محاريب الحب, إلى قلب القلب تتجه كل البوصلات الحرة, الممغنطة الرأس الدقيق بالعنفوان, تشع أنوارا في سيالات ذهبية, البوصلات الأصيلة السمت في المحاور, صناعة النفوس الشماء الأبية, لا فرق بينها إلا بمستوى الحب دين السماء, للإنسانية جمعاء, ولا فضل بينها إلا بمسارات العشق تقوى الرسل والأنبياء, ولا هم عندها لأكثريات أمام أقليات, أو قوميات أمام تكاليف الإلتزامات, أو ألوان بيضاء أو سمراء أو شقراء أو سوداء, بوصلات لا تتجه إلى الشمال, مشكوك بأمرها, لا يؤتمن جانبها مهما كان عندها الإنتماء, تكذب حتى على ذاتها خيانة كبرى, تنافق في مواقفها بإسم الصدق, وتركب موجات التدليس والتدجيل والكذب والإفتراء... والكل واحد من السماء, وإن تعددت الأسماء, تنزيل من لدن رب السماء, وصايا آدمية, زبور داوودية, رسائل إبراهيمية, توراة موسوية, بشارات عيسوية, آيات محمدية, وكل الرسل والأنبياء, ومراثي وأحاديث وكلمات الأوصياء...

هناك حيث الحب محراب العبادة بين المحاريب, وحيث العشق صومعة المتصوف عشقا للعشق, هناك تتراءى النجوم في قبة سماء جبل العباد, قناديل وضاءة معلقة في فضاءات طور عبدين, تشكيلات في كوكبات نائرات, بين وهاد السفح الشرقي, تتربع إسفس وآزخ, بلدتان هانئتان متجاورتان... منذ الزمن الغابر, الناس هناك تتكلم الآرامية, لغة السيد المسيح نبي الله... هناك تكرز قلوب النساء بشغف القلوب, وتخفق قلوب الرجال بالسر الدفين, سلالة أليشع النبي, حكاية لنجمتين متألقتين, متقاربتان الهوى تقترنان... فضاءات السماوات تضيئان, الروح الخفية تحمل موسى وشموني إلى فلسطين, حيث ولد المخلص الأمين, فادي الأرواح يسوع المسيح, في بيت لحم ولد الناصري عيسى بن مريم, نجم السماء دليل الرعاة للنور المبين, وصنع العجائب وإضطهد وتألم...

نجمة تتألق في فضاءات مدينة القدس, مدينة الأنبياء, تضيء حي باب العمود, ميزة فريدة, تتصدر من الشهور حزيران, ومن الأعوام تسعة عوان, لألف وتسعماية للميلاد, إستخارة الكتاب المقدس, سليمان أحبه الرب, يرصع صدر التاريخ وسام الحب والعشق, وتسبح نجمة السماء وضاءة بإتجاه لبنان, كأنها المذنب المكوكب, تلتمع في سماءات بلاد الأرز, تضيء الليالي في مصيطبة بيروت, رغم قهر الأيام وعهر السلطان, يتحسس بها الفكر في الوعي الباطني, تتراءى كوكبا دريا في كل مكان, ترصع بالنور الحق صدر الزمان, عربية اللسان, مساراتها الإنسان, دعوتها وحدة الأديان, رؤاها الحب والعشق للرحمان, جنسيتها حب لبنان, هدية حب وعشق لجميع الأقطار والبلدان, وحيث توجد نسمة حياة وإنسان, كوكب وضاء يشع بين النجوم في الأكوان...

كتبت مساء يوم الأحد الواقع فيه 04 / 11 2007 في مقام النبي رشادي, قرية النبي رشادي, غربي مدينة الشمس بعلبك.
 
عودة
أعلى أسفل