جاء في وصية الإمام الكاظم عليه السلام لهشام ابن الحكم انه قال : يا هشام لو كان في يدك جوزه وقال الناس في يدك لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنها جوزه ، ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس أنها جوزه ما ضرك وأنت تعلم أنها لؤلؤة ؟.يا هشام ما من عبد إلا وملك اخذ بناصيته ، فلا يتواضع إلا ورفعه الله ، ولا يتعاظم إلا ووضعه الله ،إن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء من الدنيا يغنيك ،إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه ولا يسأل من يخاف منعه ولا يعد بما لايقدر عليه ولا يرجو ما يعنف برجائه ولا يتقدم على ما يخاف العجز منه ، الغضب مفتاح الشر وأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، وإن خالطت الناس فان استطعت أن لا تخالط أحدا منهم إلا من كانت يدك العليا عليه فافعل .
يا هشام عليك بالرفق فان الرفق يمن والخرق شؤم ، وان الرفق والبر وحسن الخلق يعمر الديار ويزيد في الرزق ، إن قول الله عز وجل (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) يجري في المؤمن والكافر والبر والفاجر ، من صنع إليك المعروف فعليك أن تكافئه ، وليست المكافئة أن تصنع كما صنع حتى يكون لك الفضل فان صنعت كما صنع فان الفضل له بالابتداء .
ياهشام ليس حقا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فان عمل حسنا استزاد منه وان عمل سيئا استغفر الله منه وتاب إليه ، وإياك ومخالطة الناس والأنس بهم إلا أن تجد منهم عاقلا ومأمونا فانس به واهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية ، وعليك باليأس مما في أيدي الناس وأمت الطمع من المخلوقين فان الطمع مفتاح الذل واختلاس العقل واختلاف المروءات وتدنيس العرض ، وجاهد نفسك لتردها عن هواها فانه واجب عليك كجهاد عدوك ،من أكرمه الله بثلاث فقد لطف به : عقل يكفيه مؤونة هواه وعلم يكفيه مؤونة جهله وغنى يكفيه مخافة الفقر