عند الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الميزان هو العمل وليس أي شئ آخر

الكميتي

توه مسجل
إنضم
8 سبتمبر 2009
المشاركات
3
النقاط
0
عدل الإمام


عند الإمام أمير المؤمنين وسيد الموحدين علي بن أبي طالب عليه السلام الميزان هو العمل وليس أي شئ آخر



عند الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الميزان هو العمل وليس أي شئ آخر، فالانتماء والعشيرة والقربى والزي، وأي شئ آخر من المتغيرات التي لا يمكن، أو بالأحرى، لا يجوز، أن يتنافس فيها الناس، ليس لها معنى، في فكر الإمام، وحده العمل هو رأس المال الحقيقي الذي يعتمد عليه في تمييز الناس وتقريبهم أو أبعادهم عنه.
ولقد بدا الإمام بنفسه قبل غيره، فحاسبها قبل أن يحاسب الآخرين، وقومها قبل أن يعمل على تقويم الآخرين، وراقبها قبل أن يراقب الآخرين، ولذلك لم تكتب لنا كل كتب التاريخ، وجلها كان مترصدا بالإمام، انه تناقض مع نفسه ولو مرة واحدة، أبدا، فكان قوله وعمله واحد لا يختلفان ولا يتناقضان، كما انه لم يأمر بحسنة ألا بعد أن يكون قد سبق الآخرين أليها، ولم ينههم عن سيئة ألا بعد أن يكون قد نهى نفسه عنها، وقد اقسم على ذلك بقوله ﴿أيها الناس، أني، والله، ما أحثكم على طاعة ألا وأسبقكم أليها، وما أنهاكم عن معصية ألا وأتناهى قبلكم عنها﴾ ولذلك كان عليه السلام واضحا ومثالا يحتذى، وهو القائل ﴿من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم﴾ كما انه عليه السلام هو القائل ﴿من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف امن، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم﴾.
فإلى من يعيش التحدي، تحدي الاستقامة والالتزام بالقيم والمثل العليا، فان الإمام هو النموذج، فعلى الرغم من انه كان يعرف جيدا كيف يمكن أن يسلك الطريق الآخر، طريق الانحراف والظلال، أو طريق الوصولية والحيل (الشرعية) لتحقيق أهداف آنية، ألا انه رفض بالمطلق ذلك، لان أرادته كانت أقوى من الإغراءات المعروضة أمامه، وإيمانه سبق ميله لهواه.
يقول عليه السلام ﴿والله ما معاوية بأدهى مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس، ولكن كل غدره فجرة، وكل فجرة كفرة، ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة، والله ما استغفل بالمكيدة، ولا استغمز بالشديدة﴾.
ويقول عليه السلام (واني لعالم بما يصلحكم، ويقيم أودكم، ولكني لا أرى إصلاحكم بإفساد نفس)﴾.
ويقول عليه السلام متحدثا عن إمكانية أن ينال ما يشتهي والوصول إلى ما يريد، فالطريق مفتوح أمامه، ولكن ( ولو شئت لاهتديت الطريق، إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة، من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى، وأكباد حرى، أو أكون كما قال القائل؛
وحسبك داءا أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحن إلى القد)


فالإمام لم يكن مجبورا على الاستقامة، كما أن الطرق لم تكن مغلقة بوجهه لنيل ما تشتهيه الأنفس، أبدا، فلقد كان كل شئ طوع أمره، وكانت الدنيا طوع بنانه، أذا أراد وصل، وإذا أحب حقق الرغائب، كما أن الحيل الشرعية كانت متوفرة عنده وجاهزة لديه، ولذلك فاستقامته بارادة، وقراره عن وعي، لم يجبر أو يغصب على الالتزام، كما هو حال الكثيرين، ممن يتصنعوا الاستقامة، أما خوفا من الرقيب أو خجلا من الحبيب.
والى من تسلم موقع المسؤولية، بعد مكابدة طويلة وصراع مرير على السلطة، لتبدأ معه مرحلة الاسترخاء أو التعدي على الآخرين أو ظلم الناس، فتتحول السلطة عنده إلى تشريف، أو إلى أداة للعدوان على حقوق الآخرين، يقول عليه السلام
﴿ااقنع من نفسي بان يقال هذا امير المؤمنين، ولا اشاركهم في مكاره الدهر، او اكون اسوة لهم في جشوبة العيش، فما خلقت ليشغلني اكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة، همها علفها، او المرسلة شغلها تقممها، تكترش من اعلافها، وتلهو عما يراد بها، او اترك سدى، او اهمل عابثا، او اجر حبل الضلالة، او اعتسف طريق المتاهة﴾.


فالموقع عند الإمام مسؤولية عظيمة، أما أن يتصدى لها المرء وهو عارف بقدرته على إعطائها حقها، أو لا يتصدى لها إذا رأى في نفسه ضعفا وفي قدرته وإرادته عجزا.
فمن علامة القدرة على تحمل المسؤولية، هو أن يتصدى المسؤول من موقعه للدفاع عن المظلوم، يقول عليه السلام
﴿فلانقبن الباطل حتى يخرج الحق من جنبه﴾ ويقول عليه السلام ﴿وانه لابد للناس من امير بر او فاجر يعمل في امرته المؤمن، ويتمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الاجل، ويجمع به الفئ، ويقاتل به العدو، وتامن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القوي، حتى يستريح بر، ويستراح من فاجر﴾


فمصداق السلطة ليس في زي الحاكم أو عشيرته أو دينه أو أي شئ آخر، إنما المصداق في العدل أولا وأخيرا.
والى الحاكم أو المسؤول الذي يظن أن الوطن ضيعة له ولأهله وعشيرته وأقربائه وأصدقائه، فما أن يتسنم موقعا في الدولة، ألا ويبدأ بممارسة أبشع أنواع الفساد المالي والإداري، يرفض الإمام إساءة استغلال الموقع وبأي عنوان كان، على اعتبار أن المسؤول مؤتمن من قبل ولي نعمته، المواطن، الذي ولاه المسؤولية كأجير عنده مقابل مرتبا شهريا معينا، ولذلك لا يحق له أن يستغل موقعه ويسئ استخدام المنصب لخدمة أقاربه وأهله بغير وجه حق، حتى إذا كان أخوه أو ابنه، أو اقرب أصدقائه.
فالعدل لا يسمح للمسؤول أن يوظف الموقع لخدمة أهله بعناوين شتى.
ولقد رفض الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أن يعطي أخاه عقيل صاعا إضافيا من بيت المال من غير حقه، أي من حق الآخرين، لأنه يعتبر ذلك فساد مالي وإداري لا ينبغي للحاكم العادل أن يتورط به، فيقول يصف الموقف


﴿والله لقد رايت عقيلا وقد املق حتى استماحني من بركم صاعا، ورايت صبيانه شعث الشعور، غبر الالوان، من فقرهم، كانما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكدا، وكرر علي القول مرددا، فاصغيت اليه سمعي، فظن اني ابيعه ديني، واتبع قياده، مفارقا طريقتي، فاحميت له حديدة، ثم ادنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنف من المها، وكاد ان يحترق من ميسمها، فقلت له؛ ثكلتك الثواكل، يا عقيل، اتئن من حديدة احماها انسانها للعبه، وتجرني الى نار سجرها جبارها لغضبه، اتئن من الاذى ولا ائن من لظى؟﴾.
والى من يسخر النصوص الدينية كحجج شرعية يتلفع بها عند السرقة من بيت المال، او العدوان على حقوق العباد، فتراه يرتشي باسم الهدية، أو يسرق بعنوانها، او يعتدي على حقوق الناس بنصوص شتى، يقول الإمام يصف حالة من هذا القبيل ﴿واعجب من ذلك، طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها، كانما عجنت بريق حية او قيئها، فقلت: اصلة، ام زكاة، او صدقة؟ فذلك محرم علينا اهل البيت، فقال؛ لا ذا ولا ذاك، ولكنها هدية، فقلت: هبلتك الهبول، اعن دين الله اتيتني لتخدعني؟ امختبط انت ام ذو جنة ام تهجر؟ والله لو اعطيت الاقاليم السبعة بما تحت افلاكها، على ان اعصي الله في نملة اسلبها جلب شعيرة ما فعلته، وان دنياكم عندي لاهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعلي ولنعيم يفنى، ولذة لا تبقى، نعوذ بالله من سبات العقل، وقبح الزلل، وبه نستعين﴾.


فإلى من اتخم بطنه من ريق الحية أو قيئها، والى من دخل إلى العدوان على الحقوق من دين الله ليخدع نفسه، سارعوا إلى التقيؤ، لتنظيف بطونكم من الحرام قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، الا من اتى الله بقلب سليم، فان الله لا يخدع عن جنته ﴿بل الانسان على نفسه بصيرة، ولو القى معاذيره﴾.
والى من يتحجج بتقاعسه عن محاربة الفساد المالي والإداري، باتساع الرقعة على راقعها، وان ما فات مات، وعلينا بما هو آت، وان من سرق من الماضين ﴿امة قد خلت، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت﴾ وان تقادم الزمن يحلل المال المسروق، لأنه يسقط التهمة والعقوبة عن المجرم، يرفض الإمام مثل هذا الكلام الباطل، وان من يريد أن يصلح الأمور فعنده متسع من الوقت، ومع العقل والحجة والمنطق، شريطة أن لا يخشى لومة لائم، فلا تقادم الزمن يبرر سرقة سابقة، ولا مرور الوقت يسقط التهمة، يقول الإمام عليه السلام بهذا الصدد
﴿ايها الناس، اني رجل منكم، لي ما لكم، وعلي ما عليكم، واني حاملكم على منهج نبيكم، ومنفذ فيكم ما امر به، الا وان كل قطعة اقطعها عثمان، وكل مال اعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال، فان الحق لا يبطله شئ، ولو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الاماء وفرق في البلدان لرددته، فان في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه اضيق﴾.
فإلى المسؤول في الدولة الذي يظن انه فوق الآخرين وانه متميز عليهم في الحقوق والواجبات، فيمد يده إلى بيت المال بما يسخط ربه ولا يرضي الرعية عنه، عليه أن يعود ليقرا النص مرة أخرى، وليتوقف عند قوله عليه السلام، وهو الإمام المعصوم والخليفة الشرعي والرسمي الذي بايعته الأمة ﴿اني رجل منكم، لي ما لكم، وعلي ما عليكم﴾.
فلا تمييز، اذن، بين المسؤول والمواطن العادي، فكلاهما متساويان امام القانون الذي ينبغي ان يبقى فوق الجميع، اما ان يعاقب المواطن العادي اذا سرق، ولا يعاقب المسؤول اذا سرق، فذلك ليس من العدل ابدا، فالموقع لا يحمي المسؤول من توجيه التهمة اليه او معاقبته اذا ثبتت عليه، كما انه ليس من حق المسؤول ان يحمي اقاربه واصدقاءه الذين في موقع المسؤولية اذا ما اساؤوا، فسرقوا مثلا او مارسوا الفساد الاداري.
لا يجوز لمسؤول ان يوظف السلطة او يستغل الموقع للتهرب من العقوبة عند الاساءة، كما لا يجوز له ان يوظفها للتستر على اقربائه او اصدقائه او رفاقه الحزبيين الذين في السلطة، اذا ما اساؤوا.
لقد كان الامام شديدا في محاربة الفساد المالي والاداري، فكان يبادر إلى وأده فورا وهو في المهد، حال ان يتناها الى سمعه معلومة عنه، فلقد كتب مرة الى زياد بن ابيه، وهو خليفة عامله عبد الله بن عباس على البصرة، وعبد الله عامل امير المؤمنين يومئذ عليها وعلى كور الاهواز وفارس وكرمان وغيرها ﴿واني اقسم بالله قسما صادقا، لان بلغني انك خنت من فئ المسلمين شيئا صغيرا او كبيرا، لاشدن عليك شدة تدعك قليل الوفر، ثقيل الظهر، ضئيل الامر، والسلام﴾.
اما من يوظف الموقع والمنصب للتعويض عن سابقته في الايمان وسنين الجهاد والنضال، وكان تسنمه سدة المسؤولية فرصة للتعويض عما قدمه في السنين الماضية لدين الله وللبلاد التي احبها وللشعب الذي ناضل ضد الديكتاتورية من اجله، فليتيقن بانه على خطا، اذ ليس من حقه ان يستغل الموقع للتعويض عما فاته، ولقد حذر امير المؤمنين عليه السلام من مغبة مثل هذا التفكير المنحرف، بقوله
﴿الا لا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا فاتخذوا العقار، وفجروا الانهار، وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عارا وشنارا، اذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه، واخرتهم الى حقوقهم التي يعلمون، فينقمون ذلك ويستنكرون ويقولون: حرمنا ابن ابي طالب حقوقنا، الا وايما رجل من المهاجرين والانصار من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يرى ان الفضل له على سواه لصحبته فان الفضل النير غدا عند الله، وثوابه واجره على الله، وايما رجل استجاب لله وللرسول، فصدق ملتنا ودخل في ديننا، واستقبل قبلتنا، فقد استوجب حقوق الاسلام وحدوده، فانتم عباد الله، والمال مال الله، يقسم بينكم بالسوية، لا فضل فيه لاحد على احد، وللمتقين عند الله غدا احسن الجزاء وافضل الثواب، لم يجعل الله الدنيا للمتقين اجرا ولا ثوابا، وما عند الله خير للابرار﴾.


قد يغضب بعض من اصاب من المال العام بالحرام، من الحق والعدل، الا ان رد الامام كان قاطعا، فعندما فكر قادة الطبقة الثرية وزعماءها ان يساوموه، قائلين له (يا ابا الحسن، انك قد وترتنا جميعا، بمساواتك ايانا مع الاخرين في العطاء، ونحن اخوتك ونظراؤك من بني عبد مناف، ونحن نبايعك اليوم على ان تضع عنا ما اصبناه من المال ايام عثمان، ويقصدون بذلك عهد الفساد المالي والاداري، وانا ان خفناك تركناك فالتحقنا بالشام، ويقصدون معاوية لانه كان يدفع لهم بلا حساب، وكان يميزهم في العطاء، فرد الامام
﴿اما ما ذكرتم من وتري اياكم فالحق وتركم، واما وضعي عنكم ما اصبتم فليس لي ان اضع حق الله عنكم ولا عن غيركم﴾
اذ ليس من العدل ان يستعيد المال العام المسروق والماخوذ بغير وجه حق من اناس ويتركه بيد اناس آخرين.
بل ان الامام يعتبر ان من العدل ان يتمتع كل المواطنين في ظل حكومته بخيرات البلاد، وليس لغيرهم الحق في ان يتمتعوا بما ليس لهم، فيقول عليه السلام في معرض كلام كلم به عبد الله بن زمعة، وهو من شيعته، وذلك انه قدم عليه في خلافته يطلب منه مالا، فقال عليه السلام
﴿ان هذا المال ليس لي ولا لك، وانما هو فئ للمسلمين، وجلب اسيافهم، فان شركتهم في حربهم، كان لك مثل حظهم، والا فجناة ايديهم لا تكون لغير افواههم﴾.
والى التكفيريين والطائفيين والعنصريين، والى من يميز المواطنين على اساس الجنس او القومية او الدين او المذهب او الخلفية الثقافية والتوجه والانتماء السياسي، والى من يقسم المواطنين الى فئات عدة، قد تصل في بعض الاحيان الى ثلاثة او اكثر، والى من يظن ان البلد ارث له فقط من ابيه او ممن خلفه، فان الامام دعا وعمل من اجل بناء دولة المواطنة فحسب، فليس للانتماء الديني او القومي اي اساس فيها، فالمواطنون في دولة الامام، سواسية، في الحقوق والواجبات، في اطار العدل والاحسان، اللذان امر بهما رب العالمين في محكم كتابه، وهو القائل ﴿ان الله يامر بالعدل والاحسان﴾.
لقد ظلمت مرة امراة مواطنة (معاهدة) في دولة الامام، والمعاهدة هي غير المسلمة، فاعتبر عليه السلام ان من يموت كمدا وحسرة وغضبا على هذه الظلامة مات شهيدا، فما بالك بالآلاف (يموتون) اليوم في بلداننا بسبب سياسات التمييز الديني والقومي والمذهبي، وبسبب التمييز في المناطقية وغير ذلك، من السياسات التي دمرت بلدانا، او كادت؟.
فالعدل، من وجهة نظر الامام، ان يعيش المواطنون في بلدهم من دون تمييز، وتلك هي اسس دولة المواطنة، اما ان تميز السلطة بين الناس على اساس الدين او المذهب او الاثنية، او الجنس، او غير ذلك من القيم البالية التي لا يمكن، بل لا يجوز، ان تكون مقومات المفاضلة بين المواطنين ابدا، فان ذلك ليس من العدل، بل انه الظلم بعينه.
ففي ظل دولة المواطنة، يستحق كل مواطن، وبلا تمييز على الاسس التي ذكرناها للتو، جزء من خيرات بلاده، وله الحق في العيش بكرامة وحرية وامن، له من الحقوق وعليه من الواجبات بلا تمييز، وان الاساس في المفاضلة هو الانتماء للوطن وليس الانتماء للدين او المذهب او منطقة الاقامة او الانتماء القومي.
يقول عليه السلام
﴿ولقد بلغني ان الرجل منهم كان يدخل على المراة المسلمة، واخرى المعاهدة، فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعثها، ما تمتنع منه الا بالاسترجاع والاسترحام، ثم انصرفوا وافرين ما نال رجلا منهم كلم، ولا اريق لهم دم، فلو ان امرا مسلما مات من بعد هذا اسفا ما كان به ملوما، بل كان به عندي جديرا﴾.


ان على الدولة ان تدافع عن مواطنيها، بلا تمييز، اما ان تستنفر كل قواها اذا تعرض زيد لعدوان، ولا تحرك ساكنا اذا تعرض عمرو الى عدوان مماثل، فهذا هو الظلم بعينه الذي سيسقطها ان عاجلا ام آجلا، فـ (الحكم يدوم مع الكفر، ولا يدوم مع الظلم).
والى المسؤول او الزعيم الذي يتلاعب بالالفاظ المنمقة والحلوة ليخدع بها الفقراء والمعدمين، فان العدل ليس لقلقة لسان، وهو ليس وعود واكاذيب، وهو ليس شعارات ولافتات، قد يخدع بها الخطيب بعض الناس في بعض الوقت، ولكن بالتاكيد ليس كل الناس في كل الاوقات، فان (حبل الكذب قصير) فالعدل وفاء، والوفاء لا يتحقق الا بالصدق، ولذلك امرنا الله تعالى ان نكون مع الصادقين، فقال في محكم كتابه الكريم ﴿يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ وقرن الصدق باعظم المناقبيات، لانه لا يتحقق من دونها، فقال عز من قائل ﴿الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار﴾ وعندها سينتفع الصادق بصدقه ﴿قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم﴾ ما يعني ان النفع الاكبر للصدق يعود على صاحبه اولا واخيرا، سواء في الدنيا او في اليوم الاخر.
فالعدل، في نظر الامام، لا يتحقق الا بالوفاء، والوفاء لا يتحقق الا بالصدق، فلقد خطب يوما بالناس فقال ﴿ايها الناس، ان الوفاء توأم الصدق، ولا اعلم جنة اوقى منه، ولا يغدر من علم كيف المرجع، ولقد اصبحنا في زمان قد اتخذ اكثر اهله الغدر كيسا، ونسبهم اهل الجهل فيه الى حسن الحيلة، ما لهم، قاتلهم الله، قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها مانع من امر الله ونهيه، فيدعها راي العين بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين﴾.


 

الصياد

شعــ V I P ــاع
إنضم
8 مارس 2008
المشاركات
323
النقاط
0
رد: عند الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الميزان هو العمل وليس أي شئ آخر

طرح رائع يا الكميتي
انطلاقة حلوة نحو التميز والعطاء
تحياتي لك
 

نـ العيون ـور

شعــ V I P ــاع
إنضم
25 يوليو 2008
المشاركات
5,359
النقاط
0
رد: عند الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الميزان هو العمل وليس أي شئ آخر

طرح رائع

يعطيك العافيه

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
 
عودة
أعلى أسفل