ذكرى استشهاد الإمام الحسن عليه السلام 1447هـ | السيد إبراهيم المحافظة

SH3A3-Q

ابو الميرزا
طاقم الإدارة
إنضم
14 نوفمبر 2007
المشاركات
48,640
النقاط
113
العمر
49
الإقامة
QATIF-القطيف
عنوان المحاضرة: أدوار ومساهمات الإمام الحسن عليه السلام في حروب والده أمير المؤمنين عليه السلام
المناسبة: ذكرى استشهاد الإمام الحسن عليه السلام 1447هـ
الخطيب: السيد إبراهيم المحافظة
التاريخ: 8 صفر 1447هـ
الموافق: السبت 2 أغسطس 2025م

روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم يصلي بالناس، فأقبل الحسن والحسين عليهما السلام وهما غلامان فجعلا يتوثبان على ظهره إذا سجد، فأقبل الناس عليهما ينحونهما عن ذلك، فقال : “دعوهما بأبي وأمي، من أحبني فليحب هذين”.

وُلد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام في مدينة جده صلى الله عليه وآله، في السنة الثالثة للهجرة، على ما هو المشهور، وقيل إن ولادته كانت في السنة الثانية، كما ذكر الشيخ الكليني في الأصول من الكافي. غير أن المشهور أن ولادته كانت في السنة الثالثة للهجرة، وبذلك يكون قد عاصر جده صلى الله عليه وآله مدة سبع سنوات، وفي تلك الفترة رعاه جده العظيم بروحه وقلبه. بل إن أول صوت سمعه الإمام الحسن عليه السلام هو صوت رسول الله صلى الله عليه وآله، كيف لا، وهو ريحانته كما قال صلى الله عليه وآله.

وبعد رحيل جده صلى الله عليه وآله، عاصر الإمام الحسن عليه السلام أباه أمير المؤمنين عليه السلام قرابة ثلاثين سنة، ويمكن تقسيم هذه الفترة إلى مرحلتين:​

  • الأولى: من يوم رحيل النبي صلى الله عليه وآله حتى سنة 35 للهجرة.​
  • الثانية: من سنة 35 إلى يوم استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام سنة 40 للهجرة.​

تولى الإمام الحسن عليه السلام الإمامة بعد استشهاد أبيه، وكان عمره آنذاك سبعًا وثلاثين سنة، واستمرت إمامته ما بين تسع إلى عشر سنوات، على اختلاف الروايات، حتى سنة 49 أو 50 للهجرة، حيث استشهد في المدينة المنورة. وقد اختلف المؤرخون في تحديد يوم استشهاده، فقيل في السابع من صفر، وقيل في آخر شهر صفر.

حديثنا اليوم، إخوتي، سيكون بعنوان: “أدوار ومساهمات الإمام الحسن عليه السلام في حروب والده أمير المؤمنين عليه السلام”، وخصوصًا في حرب الجمل (البصرة).

شارك الإمام الحسن عليه السلام في جميع حروب أبيه الثلاث: الجمل، صفين، والنهروان، ورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: “أنا أقاتل على التنزيل وعليٌ يقاتل على التأويل”، وروى عن الأصبغ بن نباتة عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وآله يقول لعلي بن أبي طالب: “تُقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات والنهروانات وبالشعفات، قال أبو أيوب: قلت: “يا رسول الله، مع من نقاتل هؤلاء الأقوام”، قال: “مع علي بن أبي طالب”.​

  • الناكثون: هم أهل الجمل، وقد سموا كذلك لأنهم نكثوا بيعتهم لأمير المؤمنين عليه السلام، مع أنها كانت منطلقة من إرادتهم واختيارهم، وهم من جاءوا طائعين يبايعون الإمام، وذلك في سنة 35 هـ. ولكن لم تمضِ سنة حتى انقلبوا على بيعتهم، وجيشوا الجيوش وخرجوا إلى البصرة، واستولوا على مقر الولاية فيها، وهاجموا عامل أمير المؤمنين عليه السلام، وهو الصحابي الجليل عثمان بن حنيف، نكلوا به فعذبوه، وضربوه، ونتفوا شعر رأسه ولحيته، كما ورد في كتب التاريخ، وسرقوا بيت المال وقتلوا المئات من الناس، وأمام هذا النكث والخروج، تحرك أمير المؤمنين عليه السلام لردع الفتنة.​
  • القاسطون: هم أهل الشام الذين حاربهم أمير المؤمنين عليه السلام في صفين، وهم الظالمون الجائرون البغايا. {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ} آية 9 – سورة الحجرات.​
  • المارقون: هم الخوارج الذين حاربهم أمير المؤمنين عليه السلام في النهروان، وقد أدبهم تأديبًا شديدًا كما أشار إلى ذلك في الخطبة الشقشقية: “فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي، ينثالون علي من كل جانب حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطفاي، مجتمعين حولي كربيضة الغنم، فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون”، وهنا يشير أمير المؤمنين إلى الجماعات الثلاث التي خرجت عليه وقاتلته في الجمل وصفين والنهروان.​

أما دور الإمام الحسن عليه السلام في حرب الجمل، فقد بدأ قبيل الحرب، فقد ورد أن أمير المؤمنين عليه السلام عندما وصل إلى مدينة ذي قار، أرسل الإمام الحسن عليه السلام إلى الكوفة ليستنفر ويستنهض أهلها، وكان معه عمار بن ياسر، ومالك الأشتر، وقيس بن سعد بن عبادة الخزرجي الأنصاري، واستقبلهم أبو موسى الأشعري الذي اعترض في البداية وادعى أن ما يحدث فتنة، فتصدى له وحاوره الإمام الحسن عليه السلام حوارًا طويلًا حتى أسكته، ثم صعد المنبر في مسجد الكوفة وقرأ رسالة أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة، ثم خطب خطبة عظيمة ركز فيها على ثلاث نقاط:

  1. أكد على شرعية إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، وأنه هو الوصي الحقيقي من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم إشار إلى أن الخارجين على أمير المؤمنين هي من جاءته وبايعته مع اختيار مطلق، وعلي كل حال فالشرعية مع أمير المؤمنين، ومن لم يكن معه فهو خارج عن الشرعية.
  2. حذر الناس من الفتنة والانقسام.
  3. ربط الوقوف مع أمير المؤمنين بالواجب الديني الشرعي، أي أن كل مسلم يخاف على الإسلام يجب عليه أن يقف مع أمير المؤمنين عليه السلام.

ولهذا الدور الذي قام به الإمام الحسن عليه السلام، خرج الآلاف من أهل الكوفة لنصرة أمير المؤمنين عليه السلام.

وفي حرب الجمل، عندما رأى أمير المؤمنين عليه السلام أن الجمل ما دام قائمًا فستظل الدماء تُسفك، فأمر أصحابه بإسقاطه إما بالقتل أو بالعقر، وقد ذكر ابن شهر آشوب في المناقب أنه عليه السلام أعطى رمحه لابنه محمد بن الحنفية، وهو معروف بشجاعته وبطولته في الجمل وصفين، وقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لابنه محمد بن الحنفية لما أعطاه الراية: “تزول الجبال ولا تزل! عض على ناجذك، أعر الله جمجمتك، تد في الارض قدمك، ارم ببصرك أقصى القوم، وغض بصرك، واعلم أن النصر من عند الله سبحانه”، فتقدم ابن الحنفية وقاتل قتالًا عظيمًا كله بطولة وشجاعة إلا أن بني ضبة كانت قد أحاطت بالجمل وقاتلت فمنعته الوصول، فعاد منكسرًا. عندها أخذ الإمام علي عليه السلام الرمح وأعطاه للحسن المجتبى، وذكر أن الإمام الحسن عليه السلام بادر بأخذ الرمح من أخيه محمد بن الحنفية، فنجد هنا بطولة وشجاعة الإمام الحسن عليه السلام لا كما صورتها بعض الأقلام وادعوا أن الإمام الحسن يميل إلى الدعة وأنه عليه السلام ليس أهلا للقتل والقتال، وتقدم الإمام الإمام الحسن عليه السلام وقاتل قتال الأبطال حتى وصل إلى الجمل ونحره برمحه فأسقطه، وبهذا انتهت المعركة.

أما في حرب صفين، فقد جعل الإمام علي عليه السلام الإمام الحسن عليه السلام قائدًا على ميمنة الجيش، ومعه الإمام الحسين عليه السلام، وعبد الله بن جعفر، ومسلم بن عقيل، وكانت حرب صفين طويلة (بين 80 إلى 110 يومًا)، وقد أظهر الإمام الحسن فيها قدرًا عظيمًا من القيادة والشجاعة، وكان مسلم بن عقيل يعد من سيوف علي عليه السلام، وكان محمد بن الحنفية على الميسرة، ومحمد بن أبي بكر، وهاشم المِرقال، وكلهم أبلوا بلاءً حسنًا.

وفي النهروان، كذلك شارك الإمام الحسن عليه السلام، وكان شاهدًا على تأديب أمير المؤمنين عليه السلام للخوارج.

وهذا شيء مما عُرف به الإمام الحسن عليه السلام في حروبه مع أبيه أمير المؤمنين عليه السلام، لذا نجد هذا البطل الشجاع، والقائد العظيم، كالعظم في بلعوم معاوية بن أبي سفيان، لذلك كان يسعى مرة بعد أخرى إلى تصفيته جسديًا.​



IMG_9846.jpg


IMG_9843.jpg


IMG_9841.jpg


IMG_9839.jpg


IMG_9838.jpg





متابعة القراءة...
 
عودة
أعلى أسفل