مجلس تعزية الحاجة مدينة عبد الله سند | الملا عباس الجزيري

SH3A3-Q

ابو الميرزا
طاقم الإدارة
إنضم
14 نوفمبر 2007
المشاركات
48,640
النقاط
113
العمر
49
الإقامة
QATIF-القطيف
عنوان المحاضرة: ذكرى الأربعين بين التغييب والتشويه الإعلامي
المناسبة: مجلس تعزية الحاجة مدينة عبد الله سند
الخطيب: الملا عباس الجزيري
التاريخ: 19 صفر 1447هـ
الموافق: الخميس 14 أغسطس 2025م​



قم جدد الحزن في العشرين من صفر
ففيه ردت رؤوس الآل للحفر​

الليلة تشهد الدنيا هذا المشهد العظيم، وهو ذكرى الأربعين، هذا الحدث الذي طُمِس عبر التاريخ، ووقع عليه ظلم كبير في تحكيم المعايير الصحيحة، فالأمة تعاملت مع كل ما يمت لأهل البيت عليهم السلام بصلة، بفقدان كامل للموازين، هذا الحدث لا يتكرر إلا مرة في السنة، ولا يوجد حدث بهذه الضخامة بعده، ومع ذلك يُسلط الضوء على حفلة غنائية، أو على هيئة ترفيه، أو على أخبار تافهة، بينما هذا الحدث العظيم لا يجد نصيبه في التغطية، فتمتلئ الشوارع بإعلانات من كل صنف، ولا نجد شيئا عن زيارة الأربعين، ومع ذلك، فإن هذه الزيارة في تنامٍ مستمر، وفي كل سنة نجد وفودًا من بلدان ما كان ليُتخيل أن تصل إليها هذه الشعائر، بل لم يكن يُحلم بذلك أصلًا، حتى في بعض البلدان التي نجد بها نزعة أموية شديدة، ونزعة أموية واضحة، نجد مجموعات من تلك البلدان في شوارع كربلاء توثق بالكاميرات، تشارك في الحدث الذي ظُلم منذ عهد بني أمية وبني العباس ومن والاهم إلى يومنا هذا.

الإعلام، لا أدري ماذا أقول عنه، يُسلط الأضواء على حفلة غنائية، ويتجمع لها عشرات الآلاف، ولا يُقارن هذا كله بتراب قدم الحسين عليه السلام، لكن، أين الإعلام عن هذا الحدث؟ لماذا هو غائب؟ لماذا نائم عن حدث بهذا الحجم؟ هذا الحدث ليس خاصًا بطائفة دون أخرى، بل محور هذا الحدث قدم الغالي والنفيس للأمم كلها، وليس فقط للأمة الإسلامية، بل قدم للإنسانية جمعاء، تتأثر فعلًا عندما ترى قساوسة في كربلاء، وترى من المسيحيين، والصابئة، والأيزيديين، والسيخ، وغيرهم، يشاركون في الزيارة.

من أجل تقييم أي حدث أو شخصية، نحتاج إلى معايير. والمعايير معروفة في الفكر الإسلامي:


  1. المعيار الأول: القرآن الكريم: وهو ملزم لكل من ينتسب إلى القبلة. القرآن لا يفتح باب التكفير بسهولة، قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} آية 94 – سورة النساء، حتى مع من يظهر الإسلام نفاقًا. الإسلام ضيّق دائرة التكفير إلى أبعد الحدود، حتى من نطق بالشهادتين والسيف على عنقه، حُرم مالع وعرضه ودمه، فكيف إذًا يتجرأ أحدهم على تكفير أكثر من عشرين مليون إنسان بجرة قلم؟! هل عنده ذرة من إنصاف أو إنسانية؟! ونجد أن أبرز الذرائع التي يتذرع بها خصوم آل محمد، هي: الشرك، عبادة القبور، والتوسل، …إلى آخره،، فهل نجد في المعايير القرآنية ما يمنع من هذ التجمع الهائل؟! هل هي عبادة قبور؟ ونحن نجد أن المسلمين الشيعة والسنة وكل الأطياف يأتون لزيارة الإمام الحسين عليه السلام، فهل ستُكفرهم كلهم؟! فهذه ليست عبادة قبور، والقرآن الكريم واضح في الحث على بناء القبور وبناء الأضرحة على تلك القبور، قال تعالى: {فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا} آية 21 – سورة الكهف، قال أهل التوحيد كم ورد في الآية: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا}، وهنا جاءت النون المثقلة لتدل على توكيد الفعل وتحقيقه وتثبيته، يعني سنبني مكانًا للعبادة فوق قبورهم، لكونه مقدسًا، وهذه القداسة ما كانت لولا وجود الأولياء، في الوقت الذى أشار غيرهم {ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا}، فهل يتساوى أهل الكهف وهم فتيتة مؤمنة مع سيد الشهداء عليه السلام.

    قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} آية 64 – سورة النساء، أي أنهم جاءوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وطلبوا منه أن يستغفر لهم عند الله سبحانه وتعالى، أي أنهم جاءوا وتوسلوا برسول الله صلى الله عليه وآله.

    قال تعالى: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} آية 93 – سورة يوسف، فيتبين من الآية أن الله هو الذي أعاد البصر، وقميص نبي الله يوسف عليه السلام هو الوسيلة والواسطة، وقيمة القميص ما كانت إلا لأنه لامس بدن النبي يوسف عليه السلام.

    • المعيار الثاني: قول النبي صلى الله عليه وآله: ذكر العلامة الأميني في كتابه “سيرتنا وسنتنا” -ومصدره في هذا الكتاب كتب العامة فقط، ولا يستشهد إلا بما هو صحيح- أن جبرئيل نزل على النبي، وقال: إن أمتك تقتل ابنك الحسين من بعدك، وأعطاه تربة، فناولها النبي لأم سلمة، وقال لها: إذا تحولت هذه التربة دماً، فاعلمي أن ابني قد قُتل، فجعلتها أم سلمة في قارورة.

      وفي يوم عاشوراء، نظرت أم سلمة إلى التربة، فإذا بها دم عبيط، التربة الحسينية في المدينة المنورة ومصرع الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، مما يدل على وجود ترابط وخصوصية لهذه التربة، وهذه الروايات موجودة في كتب أهل السنة، أتظن أن السجود على تربة كربلاء بدعة؟! بل هي مستحبّة، لأنها تخرق الحجب السبع. ولدينا فتاوى شرعية بعدم إهانة وتنجيس تربة الحسين عليه السلام، بل يُفضل السجود عليها.

      وأوصيكم بقراءة كتيب “المراسيم الأربعة” للشيخ حسن فرحان المالكي، فيه خلاصة سنين من البحث في تاريخ بني أمية، وكيف وضعوا منهجًا لإدارة الأمة على أساس إقصاء أهل البيت عليه السلام، وكذلك اقرأوا كتاب “كل ما في الكون يبكي الحسين”، فيه وثائق وشهادات على أن الكون كله تفاعل مع مصاب سيد الشهداء.

    • المعيار الثالث: الواقع العملي: انظر إلى هذه الملايين التي تمشي إلى كربلاء، من البصرة، من الحلة، من الكويت، من إيران، من الهند، من القوقاز، من كل مكان، لا إعلام، لا دعم رسمي، من الذي حركهم؟ وما هو دافعهم؟ يمشون تحت حرارة الشمس، وفي جو جاف قاسي، فقط لزيارة الإمام الحسين عليهم السلام. ألا ترى أن هناك محركًا إلهيًا؟! والله، ألا ترى أن الأربعين تشكل فرصة حقيقية لوحدة الأمة الإسلامية؟! لأن كل من يزور الإمام الحسين عليه السلام ويرجع من كربلاء يعود بنفس مملوءة بالإباء والكرامة.




IDG_20250814_171645_985.jpg


IMG_9899.jpg


IMG_9893-1.jpg


IMG_9892.jpg


متابعة القراءة...
 
عودة
أعلى أسفل