أكرفيه للأبد
شعــ V I P ــاع
- إنضم
- 21 مايو 2008
- المشاركات
- 6,366
- النقاط
- 0
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
وعجل فرجهم و أهلك أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آله في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين
بسم الله الرحمن الرحيم
يسألونك: كيف تبايع إمامَ زمانك وهو غائب؟
من الأمور التي يؤذي بها أعداءُ المؤمنين قلوبَ المنتظرين لإمام زمانهم، ويحاولون من خلال ذلك بث الشكوك والأوهام الشيطانية في قلوب المُستضعَفين، تساؤلُهم الذي يقول: كيف تزعمون أنكم في بيعة إمام زمانكم، مع أنكم لا تستطيعون مبايعته؛ نظراً إلى كونه غائباً عنكم؟
ونحن حتى نجيب عن شُبهة هؤلاء الجهلة المساكين المحرومين من نعمة الولاية؛ نذكر هذا الواقع التاريخي كمثال توضيحي لذلك:
"كان حذيفة عليلاً بالكوفة في سنة ست وثلاثين، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي، فقال: أخرجوني وادعوا الصلاة جامعةً، فوُضع على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبي وعلى آله، ثم قَال: أيها الناس! إنَّ الناس قد بايعوا عليّاً فعليكم بتقوى الله وانصروا عليّاً ووازروه؛ فوالله إنه لعلى الحق آخِراً وأوَّلاً، وإنه لخير مَن مضى بعد نبيِّكم ومَن بقي إلى يوم القيامة، ثم أطبق يمينه على يساره، ثم قال: اللهم اشهد أني قد بايعت عليّاً، وقال: الحمد لله الذي أبقاني إلى هذا اليوم، وقال لابنَيْهِ صفوان وسعد: احملاني وكونا معه، فستكون له حروب كثيرة، فيهلك فيها خلق من الناس، فاجتهدا أن تستشهدا معه، فإنه والله عَلَى الحق، ومن خالفه عَلَى البَاطل، ومَات حذيفة بعد هذا اليوم بسبعة أيام".
انتهى بنصه من: مروج الذهب للمسعودي 2 : 23 المطبعة البهية – مصر.
فالصحابي الجليل حذيفة بن اليمان بايع الإمام عليًّا عليه السلام من غير حضور الإمام عنده، فقد كان الإمام في المدينة، وكان حذيفة في الكوفة، فوضع حذيفة يمناه على يُسراه وأشهد الله على البيعة..
وبعد أن اتضح المثال، نقول: وكذا يبايع شيعة أهل البيت إمام زمانهم المهدي المنتظر صلوات الله وسلامه عليه، حيث إن للغيبة حكماً غير حكم الحضور.. ولو افترضنا أن الإمام موجود، ربما لا يكون متيسراً مبايعته للجميع، كما أن الإمام عليًّا عليه السلام لم يكن غائباً، ولكنه بالنسبة لحذيفة كان غائباً..
ومن أوضح صور البيعة التي يمارسها الشيعة مراراً وتكراراً: ما يتلونه في دعاء العهد، حيث يقولون:
"اللهم إني أُجدِّد في صبيحة يومي هذا وما عشت فيه من أيام حياتي عهداً وعقداً وبيعةً له في عنقي، لا أحول عنها ولا أزول أبداً"..
و لإثبات حقيقة زمن الغيبة وبالتالي حقيقة المهدي المنتظر نمهد بعدة حقائق :
من كتاب ملامح عصر الظهور
( ملاحظة الروايات من مصادر السنة ليتحقق الهدف ........)
الأئمة اثنا عشر
(البخاري في صحيحه) عن جابر بن سمرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يكون اثنا عشر أميراً. فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش.
(محمد بن عيسى الترمذي في صحيحه) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يكون من بعدي اثنا عشر أميراً. ثم تكلم بشيء لم أفهمه فسألت الذي يليني فقال: قال: كلهم من قريش.
(مسلم بن الحجاج القيثري في صحيحه) عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع أبي على النبي (صلّى الله عليه وآله) فسمعته يقول: إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة. قال: ثم تكلم بكلام خفي علي فقلت لأبي: ما قال؟ قال: قال: كلهم من قريش.
(صحيح مسلم) وعنه قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً. ثم تكلم النبي بكلمة خفيت علي فسألت أبي ماذا قال رسول الله؟ فقال: كلهم من قريش.
اثنا عشر خليفة
(صحيح مسلم) وعنه أيضاً قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة. ثم قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: كلهم من قريش.
(صحيح أبي داود السجتاني) وعنه أيضاً، عن رسول الله قال: لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة. فكبر الناس وضجوا، ثم قال كلمة خفيت علي قلت لأبي: يا أبت ما قال؟ قال: كلهم من قريش.
(مسند أحمد بن حنبل ـ إمام الحنابلة) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يكون لهذه الأمة اثنا عشر خليفة.
(الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين) عن عون بن جحيفة عن أبيه قال: كنت مع عمي عند النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: لا يزال أمر أمتي صالحاً حتى يمضي اثنا عشر خليفة. ثم قال كلمة وخفض بها صوته فقلت لعمي، وكان أمامي: ما قال يا عم؟ قال: يا بني قال: كلهم من قريش.
(تيسير الوصول إلى جامع الأصول) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر كلهم من قريش. قيل: ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون الهرج.
(منتخب كنز العمال): يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيماً لا يضرهم من خذلهم كلهم من قريش.
(الحافظ القندوزي الحنفي في ينابيع المودة) عن جابر بن سمرة قال: كنت مع أبي عند النبي (صلّى الله عليه وآله) فسمعته يقول: بعدي اثنا عشر خليفة. ثم أخفى صوته فقلت لأبي: ما الذي أخفى صوته؟ قال: قال: كلهم من بني هاشم.
كعدّة نقباء بني إسرائيل
(مسند أحمد ـ إمام الحنابلة) عن مسروق قال: كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ثم قال: نعم ولقد سألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل.
(ينابيع المودة) عن ابن مسعود عن النبي قال: الخلفاء بعدي اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل.
(التعليق): اتفقت كلمة المسلمين جميعاً بمختلف مذاهبهم، وأجمعت كتبهم في التفسير والحديث والتاريخ، وخاصة (الصحاح الستة) على:
أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تفوه بهذه الكلمة.
(الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش).
وإن اختلف التعبير حسب اختلاف الرواة فبعضهم رواه (النقباء) وبعض نقله (الأئمة) وبعض ضبطه (اثنا عشر قيماً) وبعض أخرجه (وهم اثنا عشر رجلاً) وبعض أثبته (اثنا عشر أميراً) والمعنى في الكل واحد، والمقصود متحد وهو واضح لا غبار عليه.
تأمل وتدبر
والكلام الذي ينبغي التأمل عنده هو:
من هؤلاء الاثنا عشر؟
والجواب المقنع الحاسم، الذي لا يقبل النقاش: إنهم هم الذين سماهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أحاديث أخرى بأسمائهم وهم: علي بن أبي طالب والحسن بن علي والحسين بن علي وعلي بن الحسين (السجاد) ومحمد بن علي (الباقر) وجعفر بن محمد (الصادق) وموسى بن جعفر (الكاظم) وعلي بن موسى (الرضا) ومحمد بن علي (الجواد) وعلي بن محمد (الهادي) والحسن بن علي (العسكري) والحجة المهدي (القائم)
من هم غير العترة؟
أضف إلى ذلك:
أن غير هؤلاء لا تجد اثني عشر خليفة (آخرين) يعتقد بهم جميعاً حتى طائفة من المسلمين فكيف بالمسلمين بجميع طوائفهم ومذاهبهم.
وكيف؟
الجواب:
أما (أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي) فهم أربعة فأين الثمانية الآخرون؟
بنو أمية ومروان
وأما بنو أمية وبنو مروان فهل يمكن أن يوصي بهم النبي (صلى الله عليه وآله)؟
وهل يمكن أن يعينهم الرسول (صلى الله عليه وآله) خلفاء له؟
كلا.. وألف كلا؟
لأنهم هم الذين ارتكبوا أفظع المآثم، وأشنع الجرائم بحق آل النبي (صلى الله عليه وآله) وبحق المسلمين، وصفحات تاريخهم مسودة في كل مكان.
فهذا معاوية وقوله لما ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) وشهادة الرسالة في الأذان:
لا والله سحقاً سحقاً، لا والله دفناً دفن(1).
وهذا يزيد بن معاوية وقتله للحسين ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والخيرة الطيبين من أهل بيته، وأخوته، وأنصاره، وسبيه لبنات الرسالة، وعقائل النبوة، كأنهم نساء المشركين والكفار.
وذلك إنكاره لله، وللقرآن، وللوحي، وللنبوة، وللمعاد حيث يقول:
لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزل(2)
والمقصود، بـ (هاشم) وهو رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
وتعبيره عن النبوة بـ (الملك).
وهذا (الوليد) المرواني يمزق القرآن بالسهام وينشد يخاطب القرآن:
تهـــــدد كـــــــل جبار عنيد *** فــــها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر *** فقل يا ربّ مزّقني الوليد(3)
وهكذا دواليك.
ضع يدك على كل واحد منهم تجده تجسيداً للرذائل والكفر والفسق، والظلم.
(ثم) أليس بنو أمية ومروان الذين رآهم الرسول (صلّى الله عليه وآله) (قردة) ينزون على منبره، فساءه ذلك، فنزل قوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (4).
ثم أليس بنو أمية ومروان هم الذين وصفهم القرآن الحكيم حين قال: (والشجرة الملعونة في القرآن) (5).
فقد أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن عمر بن الخطاب أن الشجرة الملعونة هم بنو أمية(6).
فهل هؤلاء خلفاء النبي (صلّى الله عليه وآله)؟
بنو العباس
(وأما بنو العباس) فهل هم يصلحون للخلافة؟
وهل يمكن أن يوصي بهم النبي (صلّى الله عليه وآله)؟
ومن هم؟
هل هم الذين كانوا يتقاتلون على الملك؟
ويقتل بعضهم بعضاً؟
ويقتل الأخ أخاه على الملك؟
(أم) قتلة أولاد النبي (صلّى الله عليه وآله) وأحفاده، وذرية الرسول (صلّى الله عليه وآله)، علماء الأمة، وزهادها من أمثال:
(موسى بن جعفر الكاظم).
(وعلي بن موسى الرضا).
(ومحمد بن علي الجواد).
(وعلي بن محمد الهادي).
(والحسن بن علي العسكري).
هل قتلة هؤلاء هم خلفاء الرسول (صلّى الله عليه وآله).
وهم الذين كانوا يشربون الخمر، ويلعبون القمار، ويقتلون النفس المحترمة وصفحات تواريخهم مليئة بالمخازي والمساوئ؟
فكيف يكونون خلفاء الرسول (صلّى الله عليه وآله)؟
وكيف يمدحهم الرسول بأن عصرهم خير؟
(إذن) فمن هم خلفاء الرسول؟
الجواب: ليسوا سوى الأئمة الاثني عشر، عترة النبي (صلّى الله عليه وآله) الذين نص عليهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لجابر بن عبد الله الأنصاري(7)، وسلمان، ولغيرهما أيضاً.
قصة طريفة
وهنا ننقل قصة طريفة عن (الهند):
يقال: أن أحد (الرجوات) في الهند وكان ممن لا يعتقد بإمامة الأئمة الاثني عشر من عترة رسول (صلى الله عليه وآله)، سمع بحديث النبي (صلى الله عليه وآله) المتواتر:
(الخلفاء بعدي اثني عشر).
فبحث عن أسمائهم، وأعيانهم، لكي لا يموت ميتة جاهلية دون أن يعرف خلفاء الرسول (صلى الله عليه وآله).
فأرسل إلى علماء المذاهب الأربعة (الأحناف) و (الحنابلة) و (الشوافع) و (الموالك) وجلبهم في غرفة أخرى.
ثم جلبهم واحداً واحداً إلى (غرفته) الخاصة.
من الاثنا عشر الأئمة؟
فسأل أحدهم:
هل صحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:
(الخلفاء بعدي اثنا عشر)؟
نعم، إنه حديث متواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
من هم هؤلاء الاثنا عشر؟
جعل يردد: أبا بكر، عمر، عثمان، علي، معاوية. توقف.
الراجا: هؤلاء خمسة ثم من؟
العالم: ثم عبد الملك بن مروان.
الراجا: فهذا السادس ثم من؟
العالم: ثم عمر بن عبد العزيز.
الراجا: فهذا السابع، ثم من؟
العالم: ثم أبو العباس السفاح، ثم المنصور، ثم هارون الرشيد، ثم الأمين، ثم المأمون. فهؤلاء اثنا عشر.
الراجا: اكتب أسماءهم لي في ورقة احتفظ بها.
والعالم ـ بدوره ـ كتب الأسماء الاثني عشر في ورقة بهذا الترتيب:
(أبو بكر، عمر، عثمان، علي).
(معاوية، عبد الملك بن مروان، عمر بن عبد العزيز، السفاح).
(المنصور، هارون، الأمين، المأمون).
وشكره الراجا، وودعه، وأكرمه.
ثم جلب (الراجا) عالماً منفرداً آخر إلى (غرفته).
ووجه إليه نفس السؤال:
هل صحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (الخلفاء بعدي اثنا عشر)؟
العالم: نعم ورد ذلك مستفيضاً عن النبي (صلى الله عليه وآله).
الراجا: تفضل علي بأسمائهم.
العالم: أسرع في الأربعة الأولى.
(أبو بكر، عمر، عثمان، علي).
الراجا: ثم من؟
العالم: ـ في تلكؤ وتأمل ـ: ثم عمر بن عبد العزيز.
ثم من؟
ثم المنصور.
ثم من؟
ثم هارون الرشيد، ثم الأمين، ثم المعتصم.
فهؤلاء تسعة، ثم من؟
ثم المعتمد، ثم المستعين، ثم المتوكل.
... فهؤلاء اثنا عشر..
وودع (الراجا) العالم الثاني ليطلب عالماً ثالثاً، ويوجه إليه نفس السؤال، وإنما هو كالعالمين السابقين يتلعثم، ويذكر بعد (أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي) ثمانية من بني العباس، ويترك ذكر بني أمية وبني مروان إطلاقاً حتى عمر بن عبد العزيز، ويترك المعتمد، والأمين، ليذكر مكانهما المأمون، والهادي.
(وهكذا) جعل الراجا يطلب واحداً واحداً منهم، ويسأله عن أسماء الأئمة الاثني عشر، وكل واحد منهم يذكر أسماء غير ما قاله الآخرون، ثم يطلب منه كتابة الأسماء على ورقة.
ثم جمع الأوراق وإذا واحدة منها لا تطابق الأخرى ثم دعا العلماء مرة أخرى جميعاً، وقال لهم: ما هذا التناقض في أقوالكم، وكيف لا تعرفون معنى حديث متواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم أعلن لهم إني سأترككم كلكم، وأتمسك بعترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإن علماءهم لا يختلفون في أسماء أئمتهم الاثني عشر.
وكلهم من زمن النبي (صلى الله عليه وآله) حتى اليوم يعرفون أسماء أئمتهم.
(وهكذا) انتهى المجلس دون أن يكون لأحد من أولئك العلماء رد مقنع لذاك (الراجا) الهندي.
فسلام الله على إمام زماننا المهدي المنتظر، وسلام الله على الصابرين الصامدين في انتظار فرجه الشريف
نسألكم الدعاء
اختكم ( أكرفيه للأبد )
اللهم صل على محمد وآل محمد
وعجل فرجهم و أهلك أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آله في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين
بسم الله الرحمن الرحيم
يسألونك: كيف تبايع إمامَ زمانك وهو غائب؟
من الأمور التي يؤذي بها أعداءُ المؤمنين قلوبَ المنتظرين لإمام زمانهم، ويحاولون من خلال ذلك بث الشكوك والأوهام الشيطانية في قلوب المُستضعَفين، تساؤلُهم الذي يقول: كيف تزعمون أنكم في بيعة إمام زمانكم، مع أنكم لا تستطيعون مبايعته؛ نظراً إلى كونه غائباً عنكم؟
ونحن حتى نجيب عن شُبهة هؤلاء الجهلة المساكين المحرومين من نعمة الولاية؛ نذكر هذا الواقع التاريخي كمثال توضيحي لذلك:
"كان حذيفة عليلاً بالكوفة في سنة ست وثلاثين، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي، فقال: أخرجوني وادعوا الصلاة جامعةً، فوُضع على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبي وعلى آله، ثم قَال: أيها الناس! إنَّ الناس قد بايعوا عليّاً فعليكم بتقوى الله وانصروا عليّاً ووازروه؛ فوالله إنه لعلى الحق آخِراً وأوَّلاً، وإنه لخير مَن مضى بعد نبيِّكم ومَن بقي إلى يوم القيامة، ثم أطبق يمينه على يساره، ثم قال: اللهم اشهد أني قد بايعت عليّاً، وقال: الحمد لله الذي أبقاني إلى هذا اليوم، وقال لابنَيْهِ صفوان وسعد: احملاني وكونا معه، فستكون له حروب كثيرة، فيهلك فيها خلق من الناس، فاجتهدا أن تستشهدا معه، فإنه والله عَلَى الحق، ومن خالفه عَلَى البَاطل، ومَات حذيفة بعد هذا اليوم بسبعة أيام".
انتهى بنصه من: مروج الذهب للمسعودي 2 : 23 المطبعة البهية – مصر.
فالصحابي الجليل حذيفة بن اليمان بايع الإمام عليًّا عليه السلام من غير حضور الإمام عنده، فقد كان الإمام في المدينة، وكان حذيفة في الكوفة، فوضع حذيفة يمناه على يُسراه وأشهد الله على البيعة..
وبعد أن اتضح المثال، نقول: وكذا يبايع شيعة أهل البيت إمام زمانهم المهدي المنتظر صلوات الله وسلامه عليه، حيث إن للغيبة حكماً غير حكم الحضور.. ولو افترضنا أن الإمام موجود، ربما لا يكون متيسراً مبايعته للجميع، كما أن الإمام عليًّا عليه السلام لم يكن غائباً، ولكنه بالنسبة لحذيفة كان غائباً..
ومن أوضح صور البيعة التي يمارسها الشيعة مراراً وتكراراً: ما يتلونه في دعاء العهد، حيث يقولون:
"اللهم إني أُجدِّد في صبيحة يومي هذا وما عشت فيه من أيام حياتي عهداً وعقداً وبيعةً له في عنقي، لا أحول عنها ولا أزول أبداً"..
و لإثبات حقيقة زمن الغيبة وبالتالي حقيقة المهدي المنتظر نمهد بعدة حقائق :
من كتاب ملامح عصر الظهور
( ملاحظة الروايات من مصادر السنة ليتحقق الهدف ........)
الأئمة اثنا عشر
(البخاري في صحيحه) عن جابر بن سمرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يكون اثنا عشر أميراً. فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش.
(محمد بن عيسى الترمذي في صحيحه) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يكون من بعدي اثنا عشر أميراً. ثم تكلم بشيء لم أفهمه فسألت الذي يليني فقال: قال: كلهم من قريش.
(مسلم بن الحجاج القيثري في صحيحه) عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع أبي على النبي (صلّى الله عليه وآله) فسمعته يقول: إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة. قال: ثم تكلم بكلام خفي علي فقلت لأبي: ما قال؟ قال: قال: كلهم من قريش.
(صحيح مسلم) وعنه قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً. ثم تكلم النبي بكلمة خفيت علي فسألت أبي ماذا قال رسول الله؟ فقال: كلهم من قريش.
اثنا عشر خليفة
(صحيح مسلم) وعنه أيضاً قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة. ثم قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: كلهم من قريش.
(صحيح أبي داود السجتاني) وعنه أيضاً، عن رسول الله قال: لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة. فكبر الناس وضجوا، ثم قال كلمة خفيت علي قلت لأبي: يا أبت ما قال؟ قال: كلهم من قريش.
(مسند أحمد بن حنبل ـ إمام الحنابلة) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يكون لهذه الأمة اثنا عشر خليفة.
(الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين) عن عون بن جحيفة عن أبيه قال: كنت مع عمي عند النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: لا يزال أمر أمتي صالحاً حتى يمضي اثنا عشر خليفة. ثم قال كلمة وخفض بها صوته فقلت لعمي، وكان أمامي: ما قال يا عم؟ قال: يا بني قال: كلهم من قريش.
(تيسير الوصول إلى جامع الأصول) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر كلهم من قريش. قيل: ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون الهرج.
(منتخب كنز العمال): يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيماً لا يضرهم من خذلهم كلهم من قريش.
(الحافظ القندوزي الحنفي في ينابيع المودة) عن جابر بن سمرة قال: كنت مع أبي عند النبي (صلّى الله عليه وآله) فسمعته يقول: بعدي اثنا عشر خليفة. ثم أخفى صوته فقلت لأبي: ما الذي أخفى صوته؟ قال: قال: كلهم من بني هاشم.
كعدّة نقباء بني إسرائيل
(مسند أحمد ـ إمام الحنابلة) عن مسروق قال: كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ثم قال: نعم ولقد سألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل.
(ينابيع المودة) عن ابن مسعود عن النبي قال: الخلفاء بعدي اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل.
(التعليق): اتفقت كلمة المسلمين جميعاً بمختلف مذاهبهم، وأجمعت كتبهم في التفسير والحديث والتاريخ، وخاصة (الصحاح الستة) على:
أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تفوه بهذه الكلمة.
(الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش).
وإن اختلف التعبير حسب اختلاف الرواة فبعضهم رواه (النقباء) وبعض نقله (الأئمة) وبعض ضبطه (اثنا عشر قيماً) وبعض أخرجه (وهم اثنا عشر رجلاً) وبعض أثبته (اثنا عشر أميراً) والمعنى في الكل واحد، والمقصود متحد وهو واضح لا غبار عليه.
تأمل وتدبر
والكلام الذي ينبغي التأمل عنده هو:
من هؤلاء الاثنا عشر؟
والجواب المقنع الحاسم، الذي لا يقبل النقاش: إنهم هم الذين سماهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أحاديث أخرى بأسمائهم وهم: علي بن أبي طالب والحسن بن علي والحسين بن علي وعلي بن الحسين (السجاد) ومحمد بن علي (الباقر) وجعفر بن محمد (الصادق) وموسى بن جعفر (الكاظم) وعلي بن موسى (الرضا) ومحمد بن علي (الجواد) وعلي بن محمد (الهادي) والحسن بن علي (العسكري) والحجة المهدي (القائم)
من هم غير العترة؟
أضف إلى ذلك:
أن غير هؤلاء لا تجد اثني عشر خليفة (آخرين) يعتقد بهم جميعاً حتى طائفة من المسلمين فكيف بالمسلمين بجميع طوائفهم ومذاهبهم.
وكيف؟
الجواب:
أما (أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي) فهم أربعة فأين الثمانية الآخرون؟
بنو أمية ومروان
وأما بنو أمية وبنو مروان فهل يمكن أن يوصي بهم النبي (صلى الله عليه وآله)؟
وهل يمكن أن يعينهم الرسول (صلى الله عليه وآله) خلفاء له؟
كلا.. وألف كلا؟
لأنهم هم الذين ارتكبوا أفظع المآثم، وأشنع الجرائم بحق آل النبي (صلى الله عليه وآله) وبحق المسلمين، وصفحات تاريخهم مسودة في كل مكان.
فهذا معاوية وقوله لما ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) وشهادة الرسالة في الأذان:
لا والله سحقاً سحقاً، لا والله دفناً دفن(1).
وهذا يزيد بن معاوية وقتله للحسين ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والخيرة الطيبين من أهل بيته، وأخوته، وأنصاره، وسبيه لبنات الرسالة، وعقائل النبوة، كأنهم نساء المشركين والكفار.
وذلك إنكاره لله، وللقرآن، وللوحي، وللنبوة، وللمعاد حيث يقول:
لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزل(2)
والمقصود، بـ (هاشم) وهو رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
وتعبيره عن النبوة بـ (الملك).
وهذا (الوليد) المرواني يمزق القرآن بالسهام وينشد يخاطب القرآن:
تهـــــدد كـــــــل جبار عنيد *** فــــها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر *** فقل يا ربّ مزّقني الوليد(3)
وهكذا دواليك.
ضع يدك على كل واحد منهم تجده تجسيداً للرذائل والكفر والفسق، والظلم.
(ثم) أليس بنو أمية ومروان الذين رآهم الرسول (صلّى الله عليه وآله) (قردة) ينزون على منبره، فساءه ذلك، فنزل قوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (4).
ثم أليس بنو أمية ومروان هم الذين وصفهم القرآن الحكيم حين قال: (والشجرة الملعونة في القرآن) (5).
فقد أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن عمر بن الخطاب أن الشجرة الملعونة هم بنو أمية(6).
فهل هؤلاء خلفاء النبي (صلّى الله عليه وآله)؟
بنو العباس
(وأما بنو العباس) فهل هم يصلحون للخلافة؟
وهل يمكن أن يوصي بهم النبي (صلّى الله عليه وآله)؟
ومن هم؟
هل هم الذين كانوا يتقاتلون على الملك؟
ويقتل بعضهم بعضاً؟
ويقتل الأخ أخاه على الملك؟
(أم) قتلة أولاد النبي (صلّى الله عليه وآله) وأحفاده، وذرية الرسول (صلّى الله عليه وآله)، علماء الأمة، وزهادها من أمثال:
(موسى بن جعفر الكاظم).
(وعلي بن موسى الرضا).
(ومحمد بن علي الجواد).
(وعلي بن محمد الهادي).
(والحسن بن علي العسكري).
هل قتلة هؤلاء هم خلفاء الرسول (صلّى الله عليه وآله).
وهم الذين كانوا يشربون الخمر، ويلعبون القمار، ويقتلون النفس المحترمة وصفحات تواريخهم مليئة بالمخازي والمساوئ؟
فكيف يكونون خلفاء الرسول (صلّى الله عليه وآله)؟
وكيف يمدحهم الرسول بأن عصرهم خير؟
(إذن) فمن هم خلفاء الرسول؟
الجواب: ليسوا سوى الأئمة الاثني عشر، عترة النبي (صلّى الله عليه وآله) الذين نص عليهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لجابر بن عبد الله الأنصاري(7)، وسلمان، ولغيرهما أيضاً.
قصة طريفة
وهنا ننقل قصة طريفة عن (الهند):
يقال: أن أحد (الرجوات) في الهند وكان ممن لا يعتقد بإمامة الأئمة الاثني عشر من عترة رسول (صلى الله عليه وآله)، سمع بحديث النبي (صلى الله عليه وآله) المتواتر:
(الخلفاء بعدي اثني عشر).
فبحث عن أسمائهم، وأعيانهم، لكي لا يموت ميتة جاهلية دون أن يعرف خلفاء الرسول (صلى الله عليه وآله).
فأرسل إلى علماء المذاهب الأربعة (الأحناف) و (الحنابلة) و (الشوافع) و (الموالك) وجلبهم في غرفة أخرى.
ثم جلبهم واحداً واحداً إلى (غرفته) الخاصة.
من الاثنا عشر الأئمة؟
فسأل أحدهم:
هل صحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:
(الخلفاء بعدي اثنا عشر)؟
نعم، إنه حديث متواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
من هم هؤلاء الاثنا عشر؟
جعل يردد: أبا بكر، عمر، عثمان، علي، معاوية. توقف.
الراجا: هؤلاء خمسة ثم من؟
العالم: ثم عبد الملك بن مروان.
الراجا: فهذا السادس ثم من؟
العالم: ثم عمر بن عبد العزيز.
الراجا: فهذا السابع، ثم من؟
العالم: ثم أبو العباس السفاح، ثم المنصور، ثم هارون الرشيد، ثم الأمين، ثم المأمون. فهؤلاء اثنا عشر.
الراجا: اكتب أسماءهم لي في ورقة احتفظ بها.
والعالم ـ بدوره ـ كتب الأسماء الاثني عشر في ورقة بهذا الترتيب:
(أبو بكر، عمر، عثمان، علي).
(معاوية، عبد الملك بن مروان، عمر بن عبد العزيز، السفاح).
(المنصور، هارون، الأمين، المأمون).
وشكره الراجا، وودعه، وأكرمه.
ثم جلب (الراجا) عالماً منفرداً آخر إلى (غرفته).
ووجه إليه نفس السؤال:
هل صحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (الخلفاء بعدي اثنا عشر)؟
العالم: نعم ورد ذلك مستفيضاً عن النبي (صلى الله عليه وآله).
الراجا: تفضل علي بأسمائهم.
العالم: أسرع في الأربعة الأولى.
(أبو بكر، عمر، عثمان، علي).
الراجا: ثم من؟
العالم: ـ في تلكؤ وتأمل ـ: ثم عمر بن عبد العزيز.
ثم من؟
ثم المنصور.
ثم من؟
ثم هارون الرشيد، ثم الأمين، ثم المعتصم.
فهؤلاء تسعة، ثم من؟
ثم المعتمد، ثم المستعين، ثم المتوكل.
... فهؤلاء اثنا عشر..
وودع (الراجا) العالم الثاني ليطلب عالماً ثالثاً، ويوجه إليه نفس السؤال، وإنما هو كالعالمين السابقين يتلعثم، ويذكر بعد (أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي) ثمانية من بني العباس، ويترك ذكر بني أمية وبني مروان إطلاقاً حتى عمر بن عبد العزيز، ويترك المعتمد، والأمين، ليذكر مكانهما المأمون، والهادي.
(وهكذا) جعل الراجا يطلب واحداً واحداً منهم، ويسأله عن أسماء الأئمة الاثني عشر، وكل واحد منهم يذكر أسماء غير ما قاله الآخرون، ثم يطلب منه كتابة الأسماء على ورقة.
ثم جمع الأوراق وإذا واحدة منها لا تطابق الأخرى ثم دعا العلماء مرة أخرى جميعاً، وقال لهم: ما هذا التناقض في أقوالكم، وكيف لا تعرفون معنى حديث متواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم أعلن لهم إني سأترككم كلكم، وأتمسك بعترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإن علماءهم لا يختلفون في أسماء أئمتهم الاثني عشر.
وكلهم من زمن النبي (صلى الله عليه وآله) حتى اليوم يعرفون أسماء أئمتهم.
(وهكذا) انتهى المجلس دون أن يكون لأحد من أولئك العلماء رد مقنع لذاك (الراجا) الهندي.
فسلام الله على إمام زماننا المهدي المنتظر، وسلام الله على الصابرين الصامدين في انتظار فرجه الشريف
نسألكم الدعاء
اختكم ( أكرفيه للأبد )