ليلة الثالث عشر من محرم 1447هـ | الملا حسن الصالح

SH3A3-Q

ابو الميرزا
طاقم الإدارة
إنضم
14 نوفمبر 2007
المشاركات
48,640
النقاط
113
العمر
49
الإقامة
QATIF-القطيف
عنوان المحاضرة: المكتسبات العاشورائية وكيفية الحفاظ عليها
المناسبة: ذكرى عاشوراء 1447هـ
الخطيب: الملا حسن الصالح
التاريخ: 13 شهر محرم 1447هـ
الموافق: الثلاثاء 8 يوليو 2025م

ورد عن إمامنا الرضا صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: من جلس مجلسًا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.

ما إن يقترب موسم عاشوراء من نهايته، حتى تتولد لدى البعض حالة من التساؤل: كيف يمكن الحفاظ على المكتسبات التي اكتسبناها في موسم عاشوراء؟

لذا، سيكون حديثي مختصرًا في نقطتين:​

  • أولًا: ما هي المكتسبات التي يكتسبها الإنسان من هذا الموسم المبارك؟ عند التأمل، نجد أن هناك مكتسبات عديدة وكثيرة، لكني أقف عند خمسة مكتسبات:
    1. المكتسب الجزائي: موسم عاشوراء موسم جزاء، ويتميز بعنصرين أساسيين:
      إفاضة الثواب: في كل مفاصل عاشوراء، متى ما طرقته، تحصل على الثواب. تبكي على الحسين؟ لك ثواب. تلبس السواد؟ لك ثواب. حضورك للمأتم؟ ثواب. تخدم الحسين؟ ثواب. تصرخ على الحسين؟ تتباكى؟ تجلس في المجلس؟ تعلق السواد في منزلك؟ كلها أبواب للثواب، في كل أنحائه.
      دفع العقاب: ليس فقط نيل الثواب، بل حتى الذنوب تُمحى. فقد ورد عن الإمام الرضا عليه السلام: فعلى مثل الحسين فليبك الباكون فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام، وقال لابن شبيب: يا بن شبيب، إن بكيت على الحسين عليه السلام حتى تصير دموعك على خديك، غفر الله لك كل ذنب أذنبته، صغيرًا كان أو كبيرًا، قليلًا كان أو كثيرًا.​
    2. المكتسب المعرفي: الحسين عليه السلام (عَبرة وعِبرة)، والمجالس الحسينية مليئة بالمعارف التي أوصى أهل البيت عليهم السلام بنشرها، وتتضمن هذه المجالس أبعادًا: عقائدية، فقهية، اجتماعية، سياسية، وما أكثر معارف أهل البيت عليهم السلام، حتى أصبح موسم عاشوراء موسمًا معرفيًا بكل أبعاده.​
    3. المكتسب العاطفي: ما يربطنا بالحسين عليه السلام هو العاطفة، قال النبي صلى الله عليه وآله: إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدًا. وتجليات العاطفة تشمل: التباكي، اللطم، الحزن، التفجع، وكلها وسائل لتأجيج العاطفة.​
    4. المكتسب السلوكي: الكثير ممن يحضرون المجالس الحسينية تتغير سلوكياتهم، من كان مقصرًا في صلاته ينتظم، ومن كان يسمع الأغاني يمتنع، ومن كان لا يشارك بخدمة، يصبح نشيطًا، حتى الغضب وسوء التعامل يتبدلان بسلوكيات طيبة، وهذه من بركات الحسين عليه السلام.​
    5. المكتسب المعنوي: هو شعور بالقرب من الله عز وجل، والشعور بلذة، كتلك التي نحس بها في ليالي شهر رمضان، وموسم الحج، مجالس الحسين تفتح أبواب القرب من الله، فتصبح الروح مشرقة، وتعيش طمأنينة وسكينة.​
  • ثانيًا: كيفية الحفاظ على هذه المكتسبات:
    1. اليقظة والتنبه إلى المخطط الشيطاني: الشيطان يترصدنا في مواسم الطاعة، كما قال الله تعالى: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ – ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) آية 16 – 17 – سورة الأعراف، في وصية الإمام الكاظم عليه السلام لهشام يخبره بأن لا يتصور أن الشيطان أقوى منه، فإن تصور ذلك غلبه وقاده للانحراف، فلا تسمح له أن يهزمك بل قاومه، فأنت أقوى، إذ يقول عليه السلام: فله – أي لإبليس – فلتشتد عداوتك، ولا يكونن أصبر على مجاهدته لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته، فإنه أضعف منك ركنا في قوته، وأقل منك ضررا في كثرة شره، إذا أنت اعتصمت بالله فقد هديت إلى صراط مستقيم.​
    2. المراقبة الذاتية: كما أن من يملك خزينة مليئة بالجواهر لا يتركها دون حراسة، كذلك يجب علينا مراقبة أنفسنا بعد أن امتلأنا بالحسنات. احذر من العودة إلى المعاصي التي أقلعت عنها، راقب لسانك، نظرك، سلوكك، حجابك، وصلاتك. قال أمير المؤمنين عليه السلام: اجعل من نفسك على نفسك رقيبا، واجعل لآخرتك من دنياك نصيبا.​
    3. استمرار العلاقة مع الحسين عليه السلام: لا تجعل العلاقة معه محدودة بعشرة أيام، بل حافظ على حضور المجالس ما أمكن. عليك بزيارة الإمام الحسين عليه السلام، إقرأ زيارة عاشوراء وإن لم تتمكن من المداومة على قرائتها فلتكن الزيارة المختصرة: (السلام عليك يا أبا عبد الله، صلى الله عليك يا أبا عبد الله، رحمك الله يا أبا عبد الله، لعن الله من قتلك ولعن الله من شرك في دمك، ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به، أنا إلى الله من ذلك برئ). ولا تجعل علاقتك به روتينية، جدد وسائلك: زيارة وارث، الزيارات المختصرة، زيارة عاشوراء.​
    4. التدوين والتوثيق: دون كل معلومة مفيدة تسمعها. كثير من الناس ينسون ما يُقال على المنبر بعد ساعة أو يوم. النبي صلى الله عليه وآله قال: قيّدوا العلم بالكتابة، وبتدوينك المعارف ستملك بعد سنوات ثروة معرفية ضخمة.​
    5. التفكر في سرّ اللذة الروحية: ما هو سر هذه اللذة الروحية التي نستشعرها في أيام عاشوراء؟ لأننا اقتربنا من الإمام الحسين عليه السلام، ومن يقترب من الإمام الحسين عليه السلام يقترب من الله. وهذا ورد في الحديث عن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال: من زار قبر الحسين عليه السلام بشط الفرات كان كمن زار الله فوق عرشه.​
    6. التقرب إلى الله بالطاعات: مع دخول شهر المحرم يبدأ الإسام بالابتعاد عن المعاصي والإقبال على الطاعات، لذلك يستشعر اللذة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تعالى يقول: لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فأكون أنا سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، وقلبه الذي يعقل به، فإذا دعاني أجبته، وإذا سألني أعطيته. وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منه، وإن ازداد زادت. وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: يقول الله: من اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا، ومن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة.​
    7. التفكر في فلسفة التغيير السلوكي: اسأل نفسك: لماذا أقلعت عن الذنوب في عاشوراء؟ فيقول كرامة للإمام الحسين عليه السلام، فهل كرامة الإمام الحسين عليه السلام في عشرة أيام فقط؟ إذا كانت كرامته عندك عظيمة، فيجب أن تستمر هذه الكرامة طوال السنة، لا لعشرة أيام فقط، فتكون كرامته مستمرة. فالإمام الحسين عليه السلام قدم كل شيء، قدم علي الأكبر وهو فلذة كبده، قدم أصحابه، وقدم نسائه، وحتى نفسه، في سبيل الله. الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام: إن اعمال العباد تعرض على نبيكم كل عشية الخميس فليستحي أحدكم ان تعرض على نبيه العمل القبيح.​



IMG_9578-copy.jpg


IMG_9579-copy.jpg


IMG_9580-copy.jpg


IMG_9586-copy.jpg




متابعة القراءة...
 
عودة
أعلى أسفل